الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة سبأ: الآيات 18- 19]: {وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)}. {الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها} وهي قرى الشام قُرىً ظاهِرَةً متواصلة، يرى بعضها من بعض لتقاربها، فهي ظاهرة لأعين الناظرين. أو راكبة متن الطريق: ظاهرة للسابلة، لم تبعد عن مسالكهم حتى تخفى عليهم {وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ} قيل: كان الغادي منهم يقيل في قرية، والرائح يبيت في قرية إلى أن يبلغ الشام لا يخاف جوعا ولا عطشا ولا عدوا، ولا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء سِيرُوا فِيها وقلنا لهم: سيروا: ولا قول ثم، ولكنهم لما مكنوا من السير وسويت لهم أسبابه، كأنهم أمروا بذلك وأذن لهم فيه. فإن قلت: ما معنى قوله {لَيالِيَ وَأَيَّامًا}؟ قلت: معناه سيروا فيها، إن شئتم بالليل وإن شئتم بالنهار، فإن الأمن فيها لا يختلف باختلاف الأوقات. أو سيروا فيها آمنين لا تخافون، وإن تطاولت مدة سفركم فيها وامتدت أياما وليالي. أو سيروا فيها لياليكم وأيامكم مدة أعماركم، فإنكم في كل حين وزمان، لا تلقون فيها إلا الأمن. قرئ: {ربنا باعد بين أسفارنا} وبعد. ويا ربنا، على الدعاء، بطروا النعمة، وبشموا من طيب العيش، وملوا العافية، فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنو إسرائيل البصل والثوم مكان المنّ والسلوى، وقالوا: لو كان جنى جناننا أبعد كان أجدر أن نشتهيه، وتمنوا أن يجعل اللّه بينهم وبين الشأم مفاوز ليركبوا الرواحل فيها ويتزودوا الأزواد، فجعل اللّه لهم الإجابة. وقرئ {ربنا بعد بين أسفارنا} و {بعد بين أسفارنا} على النداء، وإسناد الفعل إلى بين ورفعه به، كما تقول: سير فرسخان، وبوعد بين أسفارنا. وقرئ: {ربنا باعد بين أسفارنا} و {بين سفرنا} و {بعد} برفع ربنا على الابتداء، والمعنى خلاف الأوّل، وهو استبعاد مسايرهم على قصرها ودنوّها لفرط تنعمهم وترفههم، كأنهم كانوا يتشاجون على ربهم ويتحازنون عليه أَحادِيثَ يتحدّث الناس بهم ويتعجبون من أحوالهم، وفرقناهم تفريقا اتخذه الناس مثلا مضروبا، يقولون: ذهبوا أيدى سبا، وتفرقوا أبادى سبا. قال كثير:لحق غسان بالشأم، وأنمار بيثرب، وجذام بتهامة، والأزد بعمان صَبَّارٍ عن المعاصي شَكُورٍ للنعم. .[سورة سبأ: الآيات 20- 21]: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}.قرئ: {صدّق} بالتشديد والتخفيف، ورفع إبليس ونصب الظن، فمن شدّد فعلى: حقق عليهم ظنه، أو وجده صادقا، ومن خفف فعلى: صدق في ظنه أو صدّق يظن ظنا، نحو: فعلته جهدك، وبنصب إبليس ورفع الظن، فمن شدّد فعلى: وجده ظنه صادقا ومن خفف فعلى: قال له ظنه الصدق حين خيله إغواءهم، يقولون: صدقك ظنك، وبالتخفيف ورفعهما على: صدق عليهم ظن إبليس، ولو قرئ بالتشديد مع رفعهما لكان على المبالغة في صدق، كقوله: صدقت فيهم ظنوني، أو تشبيه بلغ على الخلاف. وفيه مجاز بالحذف، أي: أيادى أهل سبأ ما كنته بعدكم، أي: ما كنت متصفا به من الأحوال كأحوال سبأ. ويجوز أن ما مصدرية، أي: أكوانى وأحوالى بعدكم كأحوال سبأ. أو المراد بأيادى سبأ: أصحابها الذين كانوا يعمرونها، ففرقوا أنفسهم بأيديهم فشبه نفسه بهم لعدم استقراره. وتطلق سبأ على قبيلة كانت تسكنها. ويحتمل أنها المراد هنا، بل هو أظهر. ويجوز أن المراد أبوها، وهو سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان: كان ذا مال وبنين، فتفرق بنوه بعضهم إلى اليمن وبعضهم إلى الشام إلى غير ذلك، فأطلق الأيادى عليهم، لأن بهم قوته كالأيادى، ثم شبه نفسه بهم في الشتات. وعن: مرخم، وفي ندائها معنى التوجع والاستعطاف، وخاطبها بضمير جمع المذكر تعظيما، ولذلك لا تجده في مواضع ذمهن، وجملة النداء معترضة بين الخبر والمبتدأ ويحتمل أن التقدير: أنا كأيادى سبأ مدة كوني بعدكم، فهي معترضة بين الجملة والظرف المتعلق بها، وحلا يحلو كدعا يدعو وغيره قليل، شبه الحسن بالحلاوة بجامع اللذة. وقيل: حلى يحلى، كرضى يرضى في المنظر. وحلا يحلو في الطعم، وما هنا من الأول فلا مجاز، والمنظر مصدر بمعنى النظر، ويجوز أن الحلاوة الحسن والمنظر- بالفتح-: مكان النظر. ويجوز أنه النظر. أي: فلم يحسن لعيني غيرك، ويجوز أن المراد بعدكم بعد ارتحالك أنت وأهلك، فالخطاب لها ولحيها! ولكن موارد الاستعمال يعضدها ما تقدم، وروى: فلن يحل، فزعم بعضهم أن لن قد تجزم كما هنا، وعلى المنع فحذف آخر الفعل للضرورة أو التخفيف.ومعناه: أنه حين وجد آدم ضعيف العزم قد أصغى إلى وسوسته قال: إنّ ذرّيته أضعف عزما منه، فظنّ بهم اتباعه وقال: لأضلنهم، لأغوينهم. وقيل: ظنّ ذلك عند إخبار اللّه تعالى الملائكة أنه يجعل فيها من يفسد فيها. والضمير في {عَلَيْهِمْ} و {فَاتَّبَعُوهُ} إمّا لأهل سبأ، أو لبنى آدم. وقلل المؤمنين بقوله {إِلَّا فَرِيقًا} لأنهم قليل بالإضافة إلى الكفار، كما قال {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} {وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ} {وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ} من تسليط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء إلا لغرض صحيح وحكمة بينة، وذلك أن يتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها، وعلل التسليط بالعلم والمراد ما تعلق به العلم. وقرئ: {ليعلم} على البناء للمفعول {حَفِيظٌ} محافظ عليه، وفعيل ومفاعل: متآخيان..[سورة سبأ: آية 22]: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)}.قُلِ لمشركي قومك ادْعُوا الَّذِينَ عبدتموهم من دون اللّه من الأصنام والملائكة وسميتموهم باسمه كما تدعون اللّه، والتجئوا إليهم فيما يعروكم كما تلتجئون إليه، وانتظروا استجابتهم لدعائكم ورحمتهم كما تنتظرون أن يستجيب لكم ويرحمكم، ثم أجاب عنهم بقوله {لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ} من خير أو شر، أو نفع أو ضر {فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ} في هذين الجنسين من شركة في الخلق ولا في الملك، كقوله تعالى {ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وماله منهم من عوين يعينه على تدبير خلقه، يريد: أنهم على هذه الصفة من العجز والبعد عن أحوال الربوبية، فكيف يصح أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى، فإن قلت: أين مفعولا زعم؟قلت: أحدهما الضمير المحذوف الراجع منه إلى الموصول. وأمّا الثاني فلا يخلو إمّا أن يكون مِنْ دُونِ اللَّهِ أو لا يَمْلِكُونَ أو محذوفا فلا يصح الأول، لأنّ قولك: هم من دون اللّه، لا يلتئم كلاما، ولا الثاني، لأنهم ما كانوا يزعمون ذلك، فكيف يتكلمون بما هو حجة عليهم، وبما لو قالوه قالوا ما هو حق وتوحيد؟ فبقى أن يكون محذوفا تقديره: زعمتموهم آلهة من دون اللّه فحذف الراجع إلى الموصول كما حذف في قوله {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} استخفافا، لطول الموصول لصلته، وحذف آلهة لأنه موصوف صفته مِنْ دُونِ اللَّهِ والموصوف يجوز حذفه وإقامة الصفة مقامه إذا كان مفهوما، فإذا مفعولا زعم محذوفان جميعا بسببين مختلفين..[سورة سبأ: آية 23]: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}.تقول: الشفاعة لزيد، على معنى أنه الشافع، كما تقول: الكرم لزيد: وعلى معنى أنه المشفوع له، كما تقول: القيام لزيد، فاحتمل قوله {وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} أن يكون على أحد هذين الوجهين، أي: لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له.أو لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له، أي: لشفيعه، أو هي اللام الثانية في قولك: أذن لزيد لعمرو، أي لأجله، وكأنه قيل: إلا لمن وقع الإذن للشفيع لأجله، وهذا وجه لطيف وهو الوجه، وهذا تكذيب لقولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه. فإن قلت: بما اتصل قوله {حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} ولأى شيء وقعت حتى غاية؟ قلت: بما فهم من هذا الكلام، من أنّ ثم انتظارا للإذن وتوقعا وتمهلا وفزعا من الراجين للشفاعة والشفعاء، هل يؤذن لهم أو لا يؤذن؟ وأنه لا يطلق الإذن إلا بعد ملي من الزمان، وطول من التربص، ومثل هذه الحال دلّ عليه قوله عز وجلّ {رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابًا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَوابًا} كأنه قيل: يتربصون ويتوقفون كليا فزعين وهلين، حتى إذا فزع عن قلوبهم، أي: كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن: تباشروا بذلك وسأل بعضهم بعضا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا قال الْحَقَّ أي القول الحق، وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم «فإذا أذن لمن أذن أن يشفع فزعته الشفاعة» وقرئ أذن له، أي: أذن له اللّه، وأذن له على البناء للمفعول. وقرأ الحسن: {فزع} مخففا، بمعنى فزع. وقرئ {فزع} على البناء للفاعل، وهو اللّه وحده، و {فرّغ} أي: نفى الوجل عنها وأفنى، من قولهم: فرغ الزاد، إذا لم يبق منه شيء، ثم ترك ذكر الوجل وأسند إلى الجار والمجرور، كما تقول: دفع إلىّ زيد، إذا علم ما المدفوع وقد تخفف، وأصله: فرغ الوجل عنها، أي: انتفى عنها، وفنى ثم حذف الفاعل وأسند إلى الجار والمجرور. وقرأ: {افرنقع عن قلوبهم} بمعنى: انكشف عنها.وعن أبى علقمة أنه هاج به المرار فالتف عليه الناس، فلما أفاق قال: ما لكم تكأكأتم علىّ تكأكؤكم على ذى جنة؟ افرنقعوا عنى. والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين، كما ركب اقمطر من حروف القمط، مع زيادة الراء. وقرئ الحق بالرفع، أي: مقوله الحق وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ذو العلو والكبرياء، ليس لملك ولا نبىّ أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه، وأن يشفع إلا لمن ارتضى. اهـ..قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} مُلْكًا وخَلْقًا {وله الحَمْدُ في الآخرة} يَحَمَدُه أولياؤه إِذا دخلوا الجنَّة، فيقولون: {الحمدُ لله الذي صَدَقَنا وَعْدَه} [الزمر: 74] {الحمدُ لله الذي هدانا لهذا} [الأعراف: 43] {الحمدُ لله الذي أذهب عنَّا الحَزَنَ} [فاطر: 34]. {يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرض} من بذر أو مطر أو كنز أو غير ذلك {وما يَخْرُجُ منها} من زرع ونبات وغير ذلك {وما يَنْزِلُ من السماء} من مطر أو رزق أو ملَك {وما يَعْرُجُ فيها} من ملَك أو عمل أو دُعاء. {وقال الذين كفروا} يعني مُنْكِري البعث {لا تأتينا الساعةُ} أي: لا نُبْعَث.قوله تعالى: {عالِمِ الغيب} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: {عالِمِ الغيب} بكسر الميم؛ وقرأ نافع، وابن عامر، برفعها.وقرأ حمزة، والكسائي: {علاَّمِ الغيب} بالكسر ولام قبل الألف.قال أبو علي: من كسر، فعلى معنى: الحمدُ للّهِ عالِم الغيب؛ ومن رفع، جاز أن يكون {عَالِمُ الغيب} خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو عالِمُ الغيب، ويجوز أن يكون ابتداء، خبره {لا يَعْزُب عنه} و {علاَّم} أبلغ من {عالم}.وقرأ الكسائي وحده: {لا يَعْزِِبُ} بكسر الزاي؛ وهما لغتان.قوله تعالى: {ولا أصغرُ مِنْ ذلك} وقرأ ابن السميفع، والنخعي، والأعمش: {ولا أصغرَ مِنْ ذلك ولا أكبرَ} بالنصب فيهما.قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الذين آمَنوا} قال الزجاج: المعنى: بلى وربِّي لنأتينَّكم المُجازاة وقال ابن جرير: المعنى: أَثبثَ مثقال الذرَّة وأصغر منه في كتاب مبين، {ليَجْزِيَ الذين آمنوا} وليُريَ الذين أوتوا العلم.قوله تعالى: {مِنْ رِجْزٍ أليمٌ} قرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم، ويعقوب، والمفضل: {مِنْ رِجْزٍ أليمٌ} رفعًا؛ والباقون بالخفض فيهما.وفي {الذين أوتوا العِلْم} قولان.أحدهما: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وأصحابه، رواه أبو صالح عن ابن عباس.والثاني: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قاله قتادة.قوله تعالى: {الذي أُنْزِلَ إِليك مِن ربِّك} يعني القرآن {هو الحَقّ} قال الفراء: {هو} عماد، فلذلك انتصب الحقّ.وما أخللنا به فقد سبق في مواضع [الحج: 51، 52، البقرة: 130، 267].قوله تعالى: {وقال الذين كفروا} وهُم مُنْكِرو البعث.قال بعضهم لبعض: {هل نَدُلُّكُم على رَجُلٍ ينبِّئُكم} أي: يقول لكم: إِنَّكم {إِذا مُزِّقتم كلَّ ممزَّق} أي: فُرِّقتم كل تفريق؛ والممزَّق هاهنا مصدر بمعنى التمزيق {إِنَّكم لفي خَلْق جديد} أي: يجدَّد خَلْقكم للبعث.ثم أجاب بعضُهم فقالوا: {أَفْترى على الله كَذِبًا} حين زعم أنَّا نُبعث؟! وألف {أَفْترى} ألف استفهام، وهو استفهام تعجب وإِنكار، {أم به جِنَّة} أي: جنون؟! فردَّ اللّهُ عليهم فقال: {بل} أي: ليس الأمر كما تقولون من الافتراء والجنون، بل {الذين لا يؤمنون بالآخرة} وهم الذين يجحدون البعث {في العذاب} إِذا بُعثوا في الآخرة {والضَّلال البعيد} من الحق في الدنيا.
|